وسبقت جيوش خليفة البطون، وخلقت حالة من التعاطف العميق مع هذه الجيوش، على اعتبار أنها جيوش خليفة النبي والأمل بإنقاذ الشعوب المظلومة من جلاديها! لذلك لم تجد جيوش الخليفة مقاومة تذكر، فهزمت الدولتين الأعظم وبسطت سلطانها على الأقاليم، وتوالت الانتصارات، وأثرت جيوش الخليفة، فتعجب المسلمون من قدرة الخليفة وقدرة جيوشه المظفرة، وأعجبهم ما حدث، وحتى الذين كانوا يرونه غاصبا " للسلطة غضوا النظر عن ذلك أمام هذه الانتصارات، وألقي في روع الناس أن الله مع الخليفة وأن الله قد أتاه الملك لأنه يستحقه، وزاد من افتتان المسلمين بالخليفة البطل، إنه لم يغير كثيرا " من مستوى معيشته، بل ألزم نفسه بنمط معتدل منها، ما أذهل عامة المسلمين، وملأ قلوبهم حبا " وإعجابا " للخليفتين الأول والثاني ولجيوشهما المظفرة التي دكت عروش الأكاسرة والقياصرة، وألحقت بهم أشنع الهزائم، وصار الخليفة شخصا " مقدسا "، وفوق كل الشبهات، ووضعت الجموع المعجبة الرجلين عمليا " على قدم المساواة مع النبي نفسه، بل ورجحت الرجلين على النبي فقد يخطئ النبي لأنه بشر، ولا تجد الجموع المعجبة غضاضة من وصف النبي بالخطأ، لكن لا أحد في الدنيا يجرؤ على القول: أن أحد الخليفتين أو كلاهما قد أخطأ، لأن العناية الإلهية تدعمها، وإذا اختلف أحد الخليفتين مع النبي شخصيا "، كأن أصدر النبي أمرا "، فأبدى أحدهما رأيا " معارضا " لأمره وحكمه، فإن البطون آليا " تقف مع أحدهما ضده وترجح رأيه على حكم النبي! وأبرز مثال على ذلك ما حدث في بيت النبي أثناء مرضه.
وبعد أن انتقل النبي إلى جوار ربه لم تتغير الأمور، فإذا رأى أحد الخليفتين أن سنة من سنن الرسول ليست مناسبة برأيه، فإنه يلغيها ويحل رأيه محلها فتصفق له البطون وتؤيده وتبعا " لتأييد البطون تؤيده القوى المنافقة، والمرتزقة من الأعراب، فتتعرى القلة المؤمنة وتنكشف، فتؤيده تبعا " لتأييد الجميع حفظا " لحياتها. كان الرسول يوزع بين الناس بالسوية وكذلك فعل أبو بكر، فجاء عمر فألغى سنة المساواة وأعطى الناس حسب منازلهم عنده. هذا مثال على ما أسلفنا، ومثال آخر، صعد عمر بن الخطاب يوما " على المنبر وخطب الناس قائلا ": (متعتان