يزيد والخليفة عبد الملك! فالولاء للدولة واتباع سياستها وكراهية أئمة أهل بيت النبوة بخاصة وأهل البيت بعامة واجب ديني على كل إنسان مقيم على أرض دولة البطون والدولة لا تهاون في أداء هذه الواجبات! وما عدا ذلك لا تثريب عليك حتى لو كنت كافرا " أو كتابيا " أو زنديقا ". وبتعبير أدق من يوالي الخليفة ودولته فهو مؤمن، ومن يعارضه فهو كافر (1) هذه هي الأجواء التي تجمعت فيها مئات الألوف من الأحاديث. والأخبار التي جمعتها طواقم رواة الدولة في فضائل عثمان والخلفاء والصحابة مجتمعين ومن والاهم من أفراد الصحابة. والأخبار والأحاديث التي شنعت بعلي بن أبي طالب وأهل بيت النبوة وشوهت النصوص الشرعية الواردة بفضلهم.
وعند ما تجمعت جميع هذه الأحاديث والأخبار أمرت الدولة جميع الكتاتيب والمدارس والجامعات ورجال العلم بتعليمها لكافة الناس الخواص والعوام، العرب والموالي الرجال والنساء، الكبار منهم والصغار، حتى استوعبها الناس جميعا "، وصار بمثابة عقيدة سياسية أو منهاج تربوي وتعليمي كالمناهج التي تتبناها كل دولة من الدول المعاصرة، وتدرسها رسميا " في روضاتها ومدارسها ومعاهدها وجامعاتها. لقد صارت نمط تفكير، وطراز حياة ثقافية، وصارت جزءا " من القوانين النافذة يعمل بها الولاة والقضاء وأرباب الفتوى. وباتت جزءا " من وثائق الدولة، تبقى ملتصقة بها بوصفها مؤسسة حتى وإن تغيرت الحكومات، أو تبدل الخلفاء وظلت هذه العقيدة تتعمق في نفوس الجميع وتتوطد طوال ألف شهر يتناقلها الناس جيلا " بعد جيل وبعد سقوط الدولة الأموية، لم يسقط المنهج التربوي والتعليمي الذي توطد خلال مدة الحكم الأموي، على أساس عقيدة نظرية عدالة جميع الصحابة ولم تحرق وثائق الدولة الأموية بسقوطها، بل آلت هذه الوثائق التي تشتمل على مضمون النظرية إلى الدولة العباسية.
خلال هذه المدة، تكونت عند الناس قناعة بأن هذه الأحاديث والأخبار صحيحة فقبلوها ورووها، وهم يظنون أنها حق. ولو علمت الأجيال اللاحقة أنها