وبينما استولى الفرس على الشرق (1)، كان النفوذ الروماني في الشمال من الجزيرة العربية. وضمن هذا التمزق، بين إمبراطوريتين عظيمتين. كانت هنالك تشكيلة لاهوتية تتحرك في الداخل. وتؤسس لها كيانها الخاص في مجتمع الجزيرة، وتطمح إلى بناء مستقبلها البعيد، بنفس هادئ، ومخطط بعيد المدى، وكانت تلك هي المجموعة اليهودية التي انتشرت في ربوع الجزيرة العربية، وسيطرت على جزء من الاقتصاد فيها. مما خولها القدرة على السيطرة على القرار السياسي أحيانا.
وهذه الفئة بعكس النصارى (2) لم تكن لها جهة تسندها، ولا قوة تدعمها سوى الاعتماد على قدراتها الذاتية. وبالتالي استطاعت الفئة اليهودية كسب نفوذها في قلب الجزيرة، من خلال ممارستها لسلطتين؟.
الأولى: - سلطة لاهوتية، بحيث احتكر اليهود، وخصوصا في المدينة، الخطاب الديني - المغلق -.
ثانيا: - سلطة اقتصادية، من خلال السيطرة اليهودية على الانتاج الزراعي.
هاتان السلطتان منحتا فرصة لليهود، للسيطرة على جزء من المجتمع العربي، وأحيانا توجيهه، مستغلة بذلك وضع (التجزئة) العربية، والتفكك القبلي السائد. وكان من سلوكهم المزدوج، تجاه القضايا العربية يومها، ما تعرض له القرآن: (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم، وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظهرون عليهم بالإثم والعدوان، وأن يأتوكم أسارى تفادوهم، وهو محرم عليكم إخراجهم. أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) (البقرة آية 85) وملخص الحالة إن اليهود في المدينة كانوا ثلاث فرق هم: بنو قريضة، بنو