بكر، صل بالناس. ومن هذا استنبط عمر بعقله المستنير، أن أبا بكر، هو الجدير بالخلافة، فبايعه، ثم لما كان عمر هو فاروق هذه الأمة، استطاع أن يصرف الناس إلى مبايعة أبي بكر، فبايعوه رغبة. ولم يتخلف عنه أحدا أبدا.!! وبأن الشورى التي جرت في السقيفة كانت عملية إسلامية، متأصلة في الشريعة.
وحتى علي (ع) لم يتمرد عن المبايعة. وذلك بنص ما أخرجه أحمد والبيهقي بسند حسن عن علي، أنه قال لما ظهر يوم الجمل:
(أيها الناس، إن رسول الله (ص) لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا، حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر فأقام واستقام حتى مضى لسبيله، ثم إن أبا بكر رأى من الرأي أن يستخلف عمر فأقام واستقام، ثم ضرب الدين بجرانه ثم إن أقواما طلبوا الدنيا فكانت أمور يقضي الله فيها).
وإنه لم يحدث أن تمرد واحد من المسلمين الصحابة، على أبي بكر، لأنه كان غاية في الجدارة، وأقرب الناس في وعي الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإن الإمام (ع) علي كان مطيعا له، معترفا به. وفي ذلك تحدثنا الرواية، عن الدارقطني وابن عساكر والذهبي وغيرهم: إن عليا أقام بالبصرة حين بايعه الناس فقام إليه رجلان فقالا له: أخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه لتستولي على الأمر وعلى الأمة. تضرب بعضها ببعض. أعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إليك؟ فحدثنا فأنت الموثوق به والمأمون على ما سمعت، فقال: (إما أن يكون عندي عهد من رسول الله في ذلك فلا والله. لأني كنت أول من صدق به فلا أكون أول من كذب عليه. ولو كان عندي منه عهد في ذلك ما تركت أخا بني تيم بن مرة وعمر بن الخطاب يثبان على منبره، ولقاتلتهما بيدي، ولو لم أجد إلا بردي هذه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقتل قتلا، ولم يمت فجأة، ومكث في مرضه أياما وليالي يأتيه المؤذن فيؤذنه للصلاة، فيأمر أبا بكر فيصلي بالناس وهو يرى مكاني.. الخ وهكذا استمر الحكم الراشدي، بتآخي مطلق، وانسجام دقيق. والتحق سيدنا أبو بكر بالرفيق الأعلى وخلفه عمر بن الخطاب. وكان ذلك اجتهادا منه