أبدت رجال لنا فحوى صدورهم * لما نأيت وحالت بيننا الكثب تهجمتنا رجال واستخف بنا * دهر فقد أدركوا منا الذي طلبوا وقد كنت للخلق نورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغاب عنا فكل الخير محتجب فكثر البكاء من الحاضرين.
وكان أبو بكر قد ندم على سلوكه هذا كما تقدم. ثم هو الذي أوصى - إن مات - أن يدفن إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله واستأذن ابنته في أن يدفن فيما ورثته من أرض الحجرة، ولو كانت تركة النبي صلى الله عليه وآله للمسلمين جميعا، لكان أبو بكر استأذنهم جميعا (6).
وكما يذكر البخاري والبيهقي وابن كثير وغيرهم أن عمر بن الخطاب رد فدكا إلى ورثة رسول الله صلى الله عليه وآله فيترتب على ذلك أن عمر بن الخطاب قد خالف الشرع وأعطى آل البيت (ع) ما ليس حقا لهم. غير أن الواقع هو السياسة، ثم جاء عثمان وأغتصبها منهم مجددا وأقطعها مروان، وبقيت كذلك حتى جاء عمر بن عبد العزيز ثم اغتصبت وهكذا دواليك.
وإذا ثبت أن أبا بكر هو المنفرد برواية (الإرث)، على أن الرسول صلى الله عليه وآله قد أسر له بذلك، فكيف يخفي الرسول صلى الله عليه وآله على بنته وأقربائه وهم المعنيون بذلك.
وعلى أثر هذا الأجراء، غضبت فاطمة الزهراء، ودعت على أبي بكر وعمر، وتوفيت وطلبت من بعلها علي (ع) أن يصلي عليها ويدفنها خفية ولا يجهر بجنازتها ويخفي قبرها وفعل، وكذلك راحت الصديقة الطاهرة، تحمل في قلبها كربا، لو كان أبوها حيا ما كان لأحد منهم أن يقترب من حقوقها.
ولكن الرسول صلى الله عليه وآله قد راح إلى رحاب الله، وترك أبناءه لأمة تسلط عليها شرارها. ولا حول ولا قوة إلا بالله!.