هؤلاء كانوا قد طعنوا ابتداء في إمارة أسامة وليس حبا في الرسول صلى الله عليه وآله.
ثانيا: إن عمر بن الخطاب رفض تجهيز جيش أسامة على وجه الاطلاق وإنه رفض أن يكون أسامة على رأس الجيش. ليس ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وآله بل حتى بعده. وقد ذكر ابن جرير الطبري في تاريخه (38)، أن عمر بن الخطاب طلب من أبي بكر عزل أسامة ابن زيد في خلافته، فوثب بلحية عمر قائلا: (ثكلتك أمك وعدمتك يا بن الخطاب، استعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وتأمرني أن أنزعه).
فعمر بن الخطاب، كان له موقف ثابت من إمارة أسامة وبقي ثابتا على هذا ؟ الموقف حتى بعد الرسول صلى الله عليه وآله.
ثالثا: إن تعامل الرجلين مع الرسول صلى الله عليه وآله في مرضه، لا يدل على تعلقهما ؟ الشديد به. بل الواضح إنهما كانا مصدر إزعاج له في مرضه، ونهى الرسول صلى الله عليه وآله عمر أكثر من مرة. ففي تخلفه وتقوله في جيش أسامة، خرج الرسول صلى الله عليه وآله معصب الرأس غاضبا (لعن الله من تخلف عن جيش أسامة).
ثم إن أبا بكر لم يكن حاضرا عند وفاة الرسول صلى الله عليه وآله ذكر ابن الأثير في تاريخه (ولما توفي صلى الله عليه وآله كان أبو بكر بمنزله بالسنح) (39).
أما عمر بن الخطاب، فقد وقف موقفا قمعيا، إذ حال بين الرسول صلى الله عليه وآله في مرضه والكتابة. وهي أكبر لغز في تاريخ الإسلام، ما تزال (المبررة) تغض الطرف عنه، ولا تمعن فيه النظر. وهو ما سمي (برزية يوم الخميس) حيث أخرج مسلم في كتابه الوصية من الصحيح قال: عن سعيد بن جبير من طريق آخر عن ابن عباس، قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم جعل تسيل دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إئتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة، أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا،