علي (ع) أصلح للبقاء في المدينة. والأجواء المحيطة بها تتطلب خلافة محكمة.
فكان الرسول صلى الله عليه وآله يخلف وراءه الإمام عليا (ع) لأنه الأكفأ لخلافته.
ولست أدري كيف يظن البعض، إن هذا مجرد اختيار اعتباطي. كيف يمكن للرسول أن يزهد في حضور الإمام علي (ع) المعركة، وهو مفتاح النصر، في كل معارك الرسول صلى الله عليه وآله اللهم إذا كان ثمة سر موضوعي، يقتضي أن تكون الخلافة لعلي (ع) على أهله في المدينة أيام تبوك. وفي ذلك يروي الطبري عن ابن إسحاق: خلف رسول الله: علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم.
وذكر ابن هشام: استعمل صلى الله عليه وآله على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري وخلف علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون وقالوا ما خلفه إلا استثقالا له، وتخففا منه، فلما قالوا ذلك أخذ علي سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله: وهو نازل في الجرف فقال يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلفتني لأنك استثقلتني وتخففت مني فقال كذبوا ولكن خلفتك لما تركت ورائي فارجع فأخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى أن تكون مني بمنزلة (هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فرجع علي (ع) إلى المدينة.
3 - وبخصوص (سورة براءة) يروي النسائي في خصائصه، عن سعد قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر ببراءة حتى إذا كان ببعض الطريق أرسل عليا فأخذها منه ثم سار بها فوجد أبو بكر في نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني (17).
وهذه الرواية التي أجمع على صحتها نقلة الأخبار من كلا المذهبين، تشير إلى واقع تحقق (الخلافة) للإمام علي (ع) في زمن الوحي. وهذه لفتة تاريخية كافية، كدليل على الخصوصية التي تميز بها الإمام علي (ع) وإذا كان الإمام علي (ع) بالتبليغ الإلهي أهلا أن يبلغ عن الرسول صلى الله عليه وآله فكيف لا يكون أهلا لخلافة الأمة من بعده! وهناك أكثر من مثال في السيرة على هذه الميزات التي