غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام، وكل ظاهر غيره باطن، وكل باطن غيره ظاهر.
لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ولا تخوف من عواقب زمان، ولا استعانة على ند مشاور، ولا شريك مكائر ولا ضد منافر، ولكن خلائق مربوبون وعباد داخرون. لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن. ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن. لم يؤده خلق ما ابتدأ ولا تدبير ما ذرأ، ولا وقف به عجز عما خلق، ولا ولجت عليه شبهة فيما قضى وقدر. بل قضاء متقن وعلم محكم وأمر مبرم، المأمول مع النقم والمرهوب مع النعم. ليس لأوليته ابتداء ولا لأزليته انقضاء، هو الأول لم يزل والباقي بلا أجل. خرت له الجباه ووحدته الشفاه، لا تقدره الأوهام بالحدود والحركات، ولا بالجوارح والأدوات، لا يقال له متى، ولا يضرب له أمد بحتى الظاهر لا يقال مما، والباطن لا يقال فيما، لا شبح فيتقضى ولا محجوب فيحوى. تعالى الله عما ينحله المحددون من صفات الأقدار ونهايات الأقطار وتأثل المساكن وتمكن الأماكن، فالحد لخلقه مضروب وإلى غيره منسوب. لم يخلق الأشياء من أصول أزلية ولا أوائل أبدية، بل خلق ما خلق فأقام حده، وصور ما صور فأحسن صورته ليس لشئ منه امتناع. ولا له بطاعة شئ انتفاع علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين، وعلمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرضين السفلى.