الله عليه وآله وسلم - وإلا من أين علم عمار بأنها زوجته في الآخرة؟
وهذه هي أخر الحيل التي تفطن لها الوضاعون من الرواة في عهد بني أمية عندما يجدون حديثا جرى على ألسنة الناس فلا يمكنهم بعد نكرانه ولا تكذيبه فيعمدون إلى إضافة فقرة إليه أو كلمة أو تغيير بعض ألفاظه ليخففوا من حدته أو يفقدوه المعنى المخصوص له، كما فعلوا ذلك بحديث، أنا مدينة العلم وعلي بابها الذي أضافوا وأبوا بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها.
وقد لا يخفى ذلك على الباحثين المنصفين فيبطلون تلك الزيادات التي تدل في أغلب الأحيان على سخافة عقول الوضاعين وبعدهم عن حكمة ونور الأحاديث النبوية، فيلاحظون أن القول بأن أبا بكر أساسها، معناه أن علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كله من علم أبي بكر، وهذا كفر. كما أن القول بأن عمر حيطانها فمعناه بأن عمر يمنع الناس من الدخول للمدينة أعني يمنعهم من الوصول للعلم والقول بأن عثمان صفقها، فباطل بالضرورة لأنه ليس هناك مدينة مسقوفة وهو مستحيل. كما يلاحظون هنا بأن عمارا يقسم بالله على أن عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة، وهو رجما بالغيب فمن أين لعمار أن يقسم على شئ يجهله؟ هل عنده آية من كتاب الله، أم هو عهد عهده إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
فيبقى الحديث الصحيح هو إن عائشة قد سارت إلى البصرة، وإنها لزوجة نبيكم، ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم إياه تطيعون أم هي.
والحمد لله رب العالمين على أن جعل لنا عقولا نميز بها الحق من الباطل وأوضح لنا السبيل ثم ابتلانا بأشياء عديدة لتكون علينا حجة يوم الحساب.