(أي حكما مقدرا بتقدير الله وفرضه وقسمه، فهو - تعالى - عليم بظواهر الأمور وبواطنها، وبمصالح عباده في ما يقوله ويفعله ويشرعه ويحكم به) (1).
والمسيرة قد اجتهدت تحت سقف الامتحان والابتلاء، ولكن أحاديث الإخبار بالغيب، وحركة التاريخ، تثبت أن بعض هذه الاجتهادات انتهت في نهاية المطاف إلى دائرة لا تحقق الأمان بصورة من الصور، قد تكون بيوت المال قد امتلأت بالذهب والفضة عند المقدمة، ولكن عند النتيجة نرى أن تفضيل هذا عن ذاك في القسمة، أدى إلى الصراع القبلي بين ربيعة ومضر، وبين الأوس والخزرج (2)، وأشعل الصراع العنصري بين العرب والعجم، والصريح والموالي (3)، كما أدى الاجتهاد في الخمس إلى اختلاف الأمة في من هم عشيرة النبي الأقربون؟ ومن هم أهل بيته وعترته؟ وأدى الاجتهاد في الأربعة أخماس الخاصة بالجنود، إلى استيلاء الأمراء في الأمصار على معظم هذه الأموال، وكان لهذا أثر سيئ على امتداد المسيرة، وأدى الاجتهاد في سهم المؤلفة، إلى استواء ضعيف الإيمان مع قويه، وأدى إلى تهييج النفوس على الانتقام بأي وسيلة، لأن الصدقة من خصائصها أنها تنشر الرحمة وتورث المحبة، وتؤلف بين القلوب، وتبسط الأمن، فإذا أمسكت - وكان تحت سقف الأمة منافقون، منهم: اثنا عشر رجلا أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ولن يدخلوا الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط - كان إمساكها سببا في فتح طرق الفساد.
رابعا: من معالم المسيرة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كانت الأحكام والفرائض والحدود وسائر السياسات الإسلامية قائمة ومقامة، ثم لم تزل بعد ارتحاله صلى الله عليه وآله وسلم تنقص وتسقط حكما فحكما، يوم فيوما، بيد الحكومات الإسلامية، على امتداد