إنك بين هؤلاء وبين الله، وليس بينك وبين الله أحد، فانظر من بين يديك ومن عن يمينك ومن عن شمالك، فإن هؤلاء الذين جاؤوك (أي أتباع بلال)، والله لم يأكلوا إلا لحوم الطير (أي لم يصل إليهم من الأمر شئ)، فقال عمر للأمراء: لا أقوم من مجلسي هذا حتى تكفلوا لي لكل رجل من المسلمين بمديت (1) بر وحظهما من الخل والزيت، قالوا: تكفلنا لك يا أمير المؤمنين (2).
أما قسمة عمر بن الخطاب بين الناس، فلقد فضل عمر المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضل المهاجرين كافة على الأنصار كافة، وفضل العرب على العجم، وروي أنه قال: (من أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإن الله جعلني له خازنا وقاسما، ألا وإني بادئ بالمهاجرين الأولين أنا وأصحابي فمعطيهم، ثم بادئ بالأنصار الذين تبوأوا الدار والإيمان فمعطيهم، ثم بادئ بأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فمعطيهن)، وفي رواية: (ففرق لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا جويرية وصفية وميمونة: فقالت عائشة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعدل بيننا، فعدل بينهن عمر)، ثم قال عمر: (من أسرعت به الهجرة أسرع به العطاء، ومن أبطأ عن الهجرة أبطأ به عن العطاء، فلا يلومن أحدكم إلا مناخ راحلته) (4).
وبالجملة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما قرية افتتحها الله ورسوله فهي لله ورسوله، وأيما قرية افتتحها المسلمون عنوة، فخمسها لله ولرسوله وبقيتها لمن قاتل عليها) (5)، كان صلى الله عليه وآله وسلم يسوي بين الجنود في القسمة، ولم يخص أحدا بشئ دون الآخر (6)، ولقد أخبر بالغيب عن ربه بما سيحدث من بعده،