الله والله عليم حكيم) (التوبة: 60)، قال المفسرون: بين الله - تعالى - أنه هو الذي قسم الصدقات وبين حكمها وتولى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمتها إلى أحد غيره، فقوله: (فريضة من الله)، إشارة إلى أن تقسيمها إلى الأصناف الثمانية أمر مفروض منه تعالى، وإشارة إلى أن الزكاة فريضة واجبة، وقوله تعالى: (والله عليم حكيم)، إشارة إلى أن فريضة الزكاة مشرعة عن علم وحكمة، لا تقبل تغيير المغير.
وروى أبو داود عن زياد بن الحارث قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبايعته، فأتاه رجل، فقال: إعطني من الصدقة، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيرة في الصدقات حتى حكم فيها، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك).
وأقامت الشريعة الخاتمة الحجة على المسيرة، فأخبر النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم أن فتنة أمته في المال وبين كيف تدخل الأمة في حجاب الأمن. وفي الوقت الذي بين فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكم الغنيمة أخبر بالغيب عن ربه، بأن فتنة المال ستصيب البعض، وقال: (كأني براكب قد أتاكم فنزل، فقال: الأرض أرضنا والفئ فيؤنا، وإنما أنتم عبيدنا، فحال بين الأرامل واليتامى وما أفاء الله عليهم) (1)، أخبر النبي بهذا حتى يأخذوا بالأسباب وهم تحت سقف الامتحان والابتلاء، لأن الله - تعالى - ينظر إلى عباده كيف يعملون.
ب - اجتهاد الصحابة في الأموال ذكرنا أن الساحة بعد رسول الله كان فيها صحابة سمعوا من النبي شيئا ولم يحفظوه على وجهه، وكان فيها من سمع منه شيئا يأمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، وأدى هذا في نهاية المطاف إلى تضارب القرارات ثم ضياع مال الله في عهد بني أمية، بعد أن بسطوا أيديهم على بيوت المال، وبالجملة، نقدم هنا الأحاديث التي تشهد بالمقدمات الأولى: