النظام، وفيه لكل شئ ذروة، والحديث يحذر غير أصحاب الحق من أن ينازعوا الأمر أهله، لأنه في المنازعة ضياع للأمانة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قالوا كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال إذا أسند الأمر إلى غير أهله، فانتظروا الساعة) (1). ويفسر هذا ما روي عن داود بن أبي صالح، قال: (أقبل مروان بن الحكم يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال أتدري ما تصنع؟ وأقبل عليه وإذا هو أبو أيوب الأنصاري، فقال: نعم، جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله) (2).
وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأمة أسباب الهدى على امتداد المسيرة، تحت مظلة الامتحان والابتلاء، بين الأسباب في عصر فيه الصحابة، وبينها في عصر فيه التابعون، وبينها في عصور جاءت بعد ذلك، والله تعالى ينظر إلى عباده كيف يعملون.
3 - التحذير من ذهاب العلم إن كل موجود يحظى بالعلم بقدر ما يحظى بالوجود، والله - تعالى - يرفع الذين آمنوا على غيرهم بالعلم، ويرفع الذين أوتوا العلم منهم درجات، بمعنى أن العلم له مكان في دائرة الذين آمنوا، وهذه الدائرة مراتب ولها ذروة، قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (المجادلة: 11)، وذروة الذين أوتوا العلم، مع الذين ارتبطوا بكتاب الله، ولن ينفصلوا حتى يردوا على الحوض، ومن دائرة الذروة تخرج المعارف الحقة والعلوم المفيدة، لأن الذين في الذروة هم العامل الذي يحفظ الأخلاق ويحرسها في ثباتها ودوامها، ولأن من عندهم تتدفق العلوم التي تصلح