الطريق إلى المهدي المنتظر عليه السلام - سعيد أيوب - ج ١ - الصفحة ٣٧
أ - اجتهادات الصحابة في رواية الحديث وتدوينه اجتهد أبو بكر - رضي الله عنه - في رواية الحديث وتدوينه، فقد روى الحافظ عماد الدين بن كثير عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: (جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيرا، فغمتني، فقلت: تتقلب بشكوى أو بشئ بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك، فجئت بها، فدعا بنار فأحرقها، وقال:
خشيت إن أموت وهي عندك، فيكون أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني، فأكون قد تقلدت ذلك) (1)، وذكر الذهبي في تذكرته عن أبي بكر أنه قال: (إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها، الناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه) (2).
وروي أن عمر بن الخطاب قال في خلافته: (إني كنت أريد أن أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم، كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني - والله - لا شوب كتاب الله بشئ أبدا) (3)، وروي عن مالك أن عمر قال: (لا كتاب مع كتاب الله) (4)، وعن يحيى بن جعدة قال: (أراد عمر أن يكتب السنة ثم بدا له أن لا يكتبها، ثم كتب في الأمصار: من كان عنده شئ من ذلك فليمحه) (5)، وعن القاسم بن محمد أن عمر قال: (لا يبقى أحد عنده كتاب إلا أتاني به فأرى فيه رأيي، فظن الناس أنه يريد إن ينظر فيها ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم، فأحرقها بالنار) (6).

(١) رواه ابن كثير، كنز العمال: ١٠ / 285، 286.
(2) تذكرة الحافظ: 1 / 352.
(3) رواه ابن عبد البر، كنز: 10 / 292، وابن سعد، كنز: 10 / 293، والخطيب، تقييد العلم، ص: 49.
(4) رواه ابن عبد البر، كنز: 10 / 292.
(5) رواه خيثمة وابن عبد البر، كنز: 10 / 292، والخطيب، تقييد العلم، ص: 53.
(6) رواه الخطيب، تقييد العلم، ص: 52.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست