بمساجد الجماعات ومحافل القبائل من العوام والرعاع أكثر جسارة على وضع الحديث) (1)، كما وضعوا أحاديث تنافي عصمة الأنبياء، فجعلتهم يخطئون، ونسبوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يسب ويلعن ويجلد بغير سبب، ونسبوا إليه أنه كان يسهو في الصلاة، وأنه كان ينسى آيات القرآن الكريم، وأرادوا من وراء تجريد النبي من العصمة أن يبرروا أخطاء الأمراء الذين جلدوا الشعوب وضيعوا الصلاة، وأن يعطوا للذين لعنهم الله على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم جواز المرور لتولي المراكز القيادية.
ووضع القصاصون أحاديث تحمل بصمة أهل الكتاب، وألصق بالتفسير روايات وقصص لا يتصورها عقل، ولا يجوز أن يفسر بها كتاب الله، ووضعوا في هذه الأحاديث أن الله يشغل حيزا من المكان، ويضحك، وينتقل من مكان إلى آخر، وأنه يتألف من أعضاء، وهو عبارة عن هيكل مادي، وعين ويد وأصابع وساق وقدم.
وبالجملة، كان القص وراء تغييب العقل ووطئه بالأقدام، وتحت سقفه اختل منهج البحث ومنهج التفكير ومنهج الاستدلال، وعلى موائده لا تظهر القراءة النقدية المتفحصة التقييمية إلا بعد عناء شديد، وكان القص وراء إهمال الواجبات، والتسامح في المحرمات، والتهاون بالسنن والمستحبات، وكان البذرة الأولى لظهور المبادئ والمنظمات الباطلة التي وضعت القوانين على طبق أهوائهم وآرائهم، وعلى هذه المبادئ انقسمت الأمة إلى قوافل، وكل قافلة تتولى حزبا وتدعمه، لأنها تميل إلى قوانينه، وتحب القائمين عليه، وعلى رؤوس الجميع الحجة قائمة. والله - تعالى - ينظر إلى عباده كيف يعملون.
2 - الخفوت والظهور وكان من آثار عدم الرواية التعتيم على أهل البيت، وذلك لأن الأمر بحرق الكتب أطاح بالعديد من الأحاديث التي تبين منزلة أهل البيت