وقال لأبي ذر: (كيف أنت وأئمة من بعدي يستأثرون بهذا الفئ، اصبر حتى تلقوني) (1)، وقال: (خذوا العطاء ما دام عطاء، فإذا كان إنما هو رشى فاتركوه، ولا أراكم تفعلون، يحملكم على ذلك الفقر والحاجة، ألا وإن رحى بني مرج قد دارت، وإن رحى الإسلام دائرة، وإن الكتاب والسلطان سيفترقان، فدوروا مع الكتاب حيث دار..) (2).
وذا كان الاجتهاد قد أخرج أهل البيت والجنود الذين شاركوا في المعارك من قسمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الاجتهاد قد أخرج المؤلفة قلوبهم من القسمة التي قسمها الله تعالى.
ولقد ذكرنا من قبل أن الله - تعالى - هو الذي قسم الصدقات، بين حكمها، وتولى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمتها إلى أحد غيره، وجزأها - سبحانه - ثمانية أجزاء، لا تقبل تغيير المغير، قال تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله) (التوبة: 60)، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى المؤلفة قلوبهم، وهم صنفان: صنف كفار، وصنف أسلموا على ضعف، وذلك ليأمن شرهم وفتنتهم، لأن من شأن الصدقة أنها تؤلف بين القلوب وتبسط الأمن، وظل النبي (ص يعطي هذا السهم للمؤلفة قلوبهم ليعاونوا المسلمين أو ليقوى إسلامهم، حتى وفاته صلى الله عليه وآله وسلم.
وكان أبو سفيان (3) وابنه معاوية (4) من الذين أعطاهم النبي من سهم المؤلفة قلوبهم، وروي (أن عمرو بن العاص حين جزع عن موته، فقيل له:
قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدينك ويستعملك، فقال: أما - والله - ما أدري أحبا