أولا: أضواء على الساحة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
كان في الساحة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميع الأنماط البشرية، بها المؤمن القوي والمؤمن الضعيف، وبها الذين في قلوبهم مرض أو زيغ وهؤلاء لا يخلو منهم مجتمع على امتداد المسيرة البشرية.
وكان الذين في قلوبهم مرض يختزنون في ذاكرتهم بعض ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ما يستقبل الناس، ومنه تفسيره لقوله تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاده) (الحج: 78)، قوله: (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) (الزخرف: 41)، وقوله تعالى: (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) (إبراهيم:
28)، وقول النبي القرشي: (يا معشر قريش، ليبعثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للإيمان، فيضرب رقابكم على الدين، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل، وقد كان ألقى نعله إلى علي بن أبي طالب يخصفها) (1).
وكان في الساحة أفراد وقبائل ذمهم الله - تعالى - أو لعنهم على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخبر بالغيب عن ربه لعلم الله بما في قلوبهم، ومنه أمره صلى الله عليه وآله وسلم بجهاد مخزوم وعبد شمس (2)، وقوله: (إن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم) (3)، وفي رواية: (بنو أمية وثقيف وبنو حنيفة) (4) ولعنه للحكم بن أبي العاص (5)، ولعنه لأبي الأعور