الموجودة في القرآن تستند إلى حقيقة واحدة هي التوحيد، ولقد وصف الله - تعالى - القرآن بالحكيم، لأنه كتاب لا يوجد فيه نقطة ضعف أو لهو حديث، ولا انحراف فيه في جميع الأحوال، كما لا يوجد فيه أي اختلاف وفي هذا دليل على أنه منزل من الله تعالى، لأن أقوال الناس لا تخلو - في المراحل المختلفة - من الاختلاف والانحراف ولهو الحديث ونقاط الضعف، وعجز الناس على الإتيان بمثل القرآن دليل على إعجازه، وعجز المشركين عن معارضته دليل على التوحيد، وخضوع الأعناق للقرآن يعني أن إسناده إلى الله - تعالى - يحتاج إلى دليل سوى القرآن نفسه.
وفي عهد البعثة كان القرآن الملجأ الوحيد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان يقيم حجته على الناس، ولقد بين لهم النبي الخاتم ما أنزل إليهم من ربهم على امتداد البعثة، وألزم القرآن الناس بأن يكون لهم في النبي صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة، وجعل اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شرطا في حب الله، ولقد بين القرآن والسنة - منذ اليوم الأول للمسيرة - أن كل رأي ديني يجب أن ينتهي إلى القرآن الكريم، حتى لا يتمكن الأجانب من نشر الأباطيل بين المسلمين، كما بين القرآن والسنة أن كتاب الله لا يقبل النسخ والإبطال والتهذيب والتغيير، وأن أي تعطيل سيفتح الطريق أمام سنن الأولين.
2 - الإخبار بالغيب عن الله من لطف الله - تعالى - بعبادة أنه أخبر على لسان الأنبياء والرسل بالغيب، فأخبر بما ينتظر الإنسان في اليوم الآخر حيث أهوال القيامة ولهيب النار ونعيم الجنة، وأخبر بأساليب الشيطان وإلقاءاته إلى قيام الساعة، كما أخبر بمضلات الفتن، مقدماتها ونتائجها، وأخبر بالأمور العظيمة التي ما زالت في بطن الغيب، والإخبار بالغيب حجة بذاته، وبه يمتحن الله - تعالى - عبادة، قال عز وجل: (ليعلم الله من يخافه بالغيب) (المائدة: 94)، وقال:
(وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب) (الحديد: 25).
وإن أي حدث لا بد أن تكون له مقدمة يترتب عليها نتيجة، والناس عند صنعهم لمقدمة الحدث، كبيرا كان أو صغيرا، يعلمون جانب الحلال فيه