ويشهد التاريخ أن هذه الخزانة أضرت أكثر مما نفعت، فبعد أن بسط بنو أمية أيديهم على بيوت المال التي تركها عمر بن الخطاب، اتخذوا دين الله دغلا، ومال الله دولا، وعباد الله خولا، واستمرت بيوت المال على امتداد المسيرة يشتري بها الحكام الذمم ويسفكون بها الدم الحرام.
وكان هناك العديد من الصحابة الذين عارضوا سياسة عدم قسمة الغنائم على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، منهم الزبير بن العوام، فعن سفيان بن وهب قال:
(لما فتحنا مصر بغير عهد، قام الزبير فقال: اقسمها يا عمرو بن العاص، فقال: لا أقسمها، فقال الزبير: والله لتقسمنها كما قسم رسول الله خيبر، فقال: والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب عمر إليه: أقرها حتى تغزوا منها حبل الحبلة) (1)، قال المفسرون في رد عمر: (يريد حتى يغزوا أولاد الأولاد ويكون عاما في الناس)، وقيل: (أو يكون أراد المنع من القسمة حيث علقه على أمر مجهول).
ويشهد التاريخ أن عمرو بن العاص بسط يده على مصر كلها، وكان خراجها له طيلة حياته في عهد معاوية بن أبي سفيان، وذلك عندما تكاتف عمرو مع معاوية على علي بن أبي طالب، فكافأه معاوية بأن تكون مصر له طعمة، ومن الذي اعترضوا على قرار عمر: بلال بن رباح، فقد قال لهم عندما افتتحوا أرضا: اقسمها بيننا وخذ خمسها، فقال عمر: لا، هنا عين المال، ولكني أحبسه فيئا يجري عليهم وعلى المسلمين، فقال بلال وأصحابه:
اقسمها بيننا، فقال عمر: اللهم اكفني بلالا وذويه. قال راوي الحديث: فما حال الحول ومنهم عين تطرف (2)، أي: ماتوا بفضل دعاء عمر.
وكان بلال كثير الاعتراض على سياسة عمر، عن ابن أبي حازم قال:
(جاء بلال إلى عمر حين قدم الشام، وعنده أمراء الأجناد، فقال: يا عمر،