أولا: الظلم والجور الظلم هو: وضع الشئ في غير موضعه، وقال في لسان العرب: ومن أمثال العرب في الشبه: من استرعى الذئب فقد ظلم، وأصل الظلم الجور ومجاوزة الحد، ومنه حديث الوضوء: (فمن زاد أو نقص، فقد أساء وظلم)، أي أساء الأدب بتركه السنة والتأدب بأدب الشرع، وظلم نفسه بما نقصها من الثواب من ترداد المرات في الوضوء، وفي التنزيل: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن) (الأنعام: 82)، قال ابن عباس: أي لم يخلطوا إيمانهم بشرك، والظلم: الميل عن القصد. والعرب تقول: إلزم هذا الصوب ولا تظلم عنه، أي لا تجر عنه، وقوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم) (لقمان: 13)، يعني أن الله - تعالى - هو المحيي المميت، الرازق المنعم وحده لا شريك له، فإذا أشرك به غيره، فذلك أعظم الظلم، لأنه جعل النعمة لغير ربها (1).
وبينت الدعوة الخاتمة أن الافتراء على الله كذبا، والتكذيب بآياته أو الإعراض عنها، والصد عن سبيله - سبحانه - من أعظم الظلم، لأن الظلم يعظم بعظمة من يتعلق به، وإذا اختص بجنب الله كان أشد الظلم، وأخبر - سبحانه - في كتابه بأنه أهلك القرون الأولى لما ظلموا، ووعد - سبحانه - رسله بهلاك الظالمين، قال تعالى: (فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين * ولنسكننكم الأرض من بعدهم) (إبراهيم: 13 - 14).
وبالنظر إلى المسيرة البشرية، تجد أن الظلم، في نهاية المطاف، تدثر بأكثر من دثار من حرير وزخرف، وأصبح له عقائد وثقافات وقوانين، تشرف عليها حكومات وهيئات وجمعيات، والخارج عن هذه العقائد والقوانين هو