كان ذلك أم تألفا يتألفني؟) (1)، وعلى الرغم من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يعطي أبا سفيان من سهم المؤلفة، إلا أن الصحابة كانوا يختلفون في تحديد موقعه، روي (أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها، فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟ فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا أبا بكر، لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك، فأتاهم أبو بكر، فقال: يا إخوتاه أغضبتكم، قالوا: يغفر الله لك يا أخي) (2)، قال النووي:
(هذه فضيلة ظاهرة لسلمان ورفقته هؤلاء) (3)، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى قريشا حين أفاء الله عليه أموال هوازن، فقال الناس من الأنصار: يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فعندما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمقالتهم، أرسل إلى الأنصار فجمعهم ولم يدع أحدا غيرهم، فقال: (إني لأعطي رجالا حدثاء عهد بكفر أتألفهم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون برسول الله إلى رحابكم؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به، قالوا:
أجل يا رسول الله قد رضينا، فقال لهم: إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني فرطكم على الحوض) (4).
لقد كان في سهم المؤلفة امتحان وابتلاء، ولكن الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اجتهدوا فيه.
وروي (أن الأقرع بن حابس وعيينة بن حصين، وكانا من المؤلفة قلوبهم، جاءا يطلبان أرضا من أبي بكر، فكتب بذلك خطا، فمزقه عمر بن الخطاب، وقال: هذا شئ كان يعطيكموه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تأليفا لكم، فأما