الوزارة - أمرا بقتل مرشح الأنصار سعد بن عبادة، وذلك حينما اشتد الخلاف وتشابكوا بالأيدي، روى الطبري: (قال ناس من أصحاب سعد: اتقوا سعدا ألا تطأوه، فقال عمر: اقتلوه اقتلوه، ثم قام على رأسه فقال: بقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك) (1)، وروى البخاري: (قال قائل: قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر: قتله الله) (2)، وكتبت النجاة لسعد، وروي أنه قال بعد بيعة أبي بكر: (لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي) (3)، ولم يبايع سعد حتى خرج في خلافة عمر بن الخطاب إلى الشام، وقتل في الطريق، وروي أن الجن هم الذين قتلوه!
ثانيا: أضواء على حركة الاجتهاد والرأي على امتداد عهد البعثة كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم، وكان في الساحة من سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ولم يحفظه على وجهه، ويرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله، فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه، وكان في الساحة من سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا يأمر به، ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه - ولو علم المسلمون - إذ سمعوه منه - أنه منسوخ لرفضوه، وكان في الساحة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، لم يكذبوا على الله ولا على رسوله، حفظوا ما سمعوا على وجهه، فلم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه، حفظوا الناسخ فعملوا به، وحفظوا المنسوخ فاجتنبوه، عرفوا الخاص والعام، والمحكم والمتشابه، فوضعوا كل شئ موضعه، وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان، فكلام خاص وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى به الله سبحانه، ولا ما