حتى بلغ ما ترون، وهذه الدنيا أفسدت بينكم، إن ذاك الذي بالشام - والله - إن يقاتل إلا على الدنيا، وإن هؤلاء الذين بين أظهركم - والله - إن يقاتلون إلا على الدنيا، وإن ذاك الذي بمكة - والله - إن يقاتل إلا على الدنيا) (1).
ونتيجة القتال على الملك، أنه لم تستطع الدولة البقاء تحت حكم إدارة مركزية واحدة، فعند بداية المسيرة اتسعت الدولة من شواطئ المحيط الأطلسي في المغرب إلى نهر السند في الشرق، ومن بحر مازندران في الشمال إلى منابع النيل في الجنوب، وكما توسعت الدولة بسرعة، تجزأت بسرعة أيضا، فإذا نظرنا على امتداد المسيرة لنرصد معالم الاختلاف والتفريق على الأرض، نجد أن عبد الرحمن الداخل، وهو أحد أفراد الأسرة الأموية، قد أسس دولة مستقلة في إسبانيا سنة 138 ه، ورفع يد الحاكم العباسي عن ذلك الجزء من الدولة العباسية، ثم ظهر الأدارسة وأسسوا دولتهم، ثم جاء الأغالبة واستولوا على بقية مناطق إفريقيا عام 184 ه، ثم ظهر ابن طولون في مصر والشام وفصلهما عن الدولة، وعند حلول سنة 323 ه أسس الأخشيد حكمه في مصر، ولم يبق تحت نفوذ الدولة العباسية السياسي من بلاد المغرب سوى رمزها.
أما في المشرق، فتم تأسيس الدولة الطاهرية بخراسان عام 204 ه، وتتابع ظهور الدويلات الصغيرة بعد ذلك شرق إيران، كالصغاريين والسامانيين والغزنويين، ثم قامت الدولة البويهية في الجزء المتبقي لهم في إيران، ثم جاء المغول عام 334 ه وأنزل الستار على الدولة العباسية، وكان للدولة فرع يحكم رمزيا في مصر، قضى عليه سليم الأول من سلاطين آل عثمان، بعد استيلائه على مصر عام 922 ه.
وعلى امتداد المسيرة كانت الأصابع اليهودية تعمل في الخفاء، كانت تثقب في الجدار بواسطة أبناء الأمة، وتحطم الأقفال بواسطة الحروب