وبينت الدعوة أن الذين لا يصلون ما أمر الله به أن يوصل، والذين لم يأخذوا بما أمرهم - تعالى - به من طاعة، ولم ينتهوا عما نهاهم عنه من نهي، فهؤلاء خاسرون في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) البقرة: 27)، وقال جل شأنه: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) (محمد: 22 - 23).
وبينت الدعوة الإلهية الخاتمة أن عدم مودة الذين أمر الله بمودتهم، يفتح الطريق أمام مودة أعداء الفطرة، وقد أمروا بعدم مودتهم، قال تعالى:
(يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) (الممتحنة: 1)، فالآية تنهى عن مودة المشركين والكفار، وتنهى أن يتخذوا أولياء وأصدقاء وأخلاء، قال تعالى حاكيا عن إبراهيم قوله لقومه: (وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) (العنكبوت: 25)، قال المفسرون: وبخهم على سوء صنيعتهم في عبادة الأوثان، وقال: إنما اتخذتم هذه ليجتمعوا على عبادتها صداقة وألفة منكم، بعضكم لبعض في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة ينعكس هذا الحال، فتصبح هذه الصداقة والمودة بغضا وشنانا، وتتجاحدون ما كان بينكم، ويلعن الأتباع المتبوعين، والمتبوعون الأتباع.
فالطريق يبدأ بأمر الله ونهيه، وعلى امتداد الطريق يمتحن الله الناس ببعضهم، فمن سلك في ما أمر الله به نجا، ومن لم يأخذ بوصايا الله ضل، والله - تعالى - أمر بصلة الأرحام، وذروة الأرحام عترة النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله - تعالى - جعل ذرية كل نبي في صلبه، وإن الله - تعالى - جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب) (1)، وقال: (إن لكل بني أب عصبة