فكان الذين في أسفلها يصعدون فيستقون الماء فيصبون على الذين في أعلاها، فقال الذين في أعلاها: لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا، فقال الذين في أسفلها: فإننا ننقبها من أسفلها فنستقي، فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا، وإن تركوهم غرقوا جميعا) (1).
كانت هذه بعض تعاليم النبوة لمواجهة الظلم والجور في وقت ما على امتداد المسيرة، أما بعد استفحال الظلم والجور، نتيجة للثقافات التي عمل منها المنافقون وأهل الكتاب غثاء مهمته النباح تأييدا للجلادين، والتصفيق للزبانية ومصاصي الدماء، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما ترون إذا أخرتم إلى زمان حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم ونذورهم فاشتبكوا، وكانوا هكذا (وشبك بين أصابعه)، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: تأخذون ما تعرفون وتدعون ما تنكرون، ويقبل أحدكم على خاصة نفسه، ويذر أمر العامة) (2)، وفي رواية: اتق الله عز وجل، وخذ ما تعرف ودع ما تنكر، وعليك بخاصتك وإياك وعوامهم) (3).
وبالجملة، بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن صنفا من الناس سيحرص على الإمارة من بعده، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنكم ستحرصون على الإمارة، وستصير حسرة وندامة يوم القيامة، نعمت المرضعة وبئست الفاطمة) (4). نعم المرضعة: لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاذ الكلمة وتحصيل اللذات الحسية، وبئست الفاطمة: أي بعد الموت لأن صاحبها يصير إلى المحاسبة. قال صلى الله عليه وآله وسلم (ليتمن أقوام ولوا هذا الأمر، أنهم خروا من الثريا وأنهم لم يولوا شيئا) (5)، وليس معنى هذا أن الإسلام لا يعترف بالقيادة والإمارة، فالإسلام يقوم على