أخلاق الناس، ليكونوا أهلا لتلقي المزيد من المعارف الحقة التي لا تكون في متناول البشر إلا عندما تصلح أخلاقهم.
وكما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر أمته بأن يمسكوا بحبل الله ليردوا على الحوض، أخبر كذلك - بالغيب عن ربه - بأن العلم سيرفع، ورفعه هو نتيجة لذهاب أوعيته، عن أبي الدرداء قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فشخص ببصره إلى السماء ثم قال: هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شئ فقال زياد بن لبيد: كيف يختلس منا، وقد قرأنا القرآن؟ فوالله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا، قال: ثكلتك أمك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فماذا تغني عنهم؟) (1)، وفي رواية عن شداد بن أوس قال: (وهل تدري ما رفع العلم؟
ذهاب أوعيته) (2)، وفي رواية عن أبي أمامة قال: (وهذه اليهود والنصارى بين أظهرهم المصاحف، لم يصبحوا يتعلقون بحرف واحد مما جاءتهم به أنبياؤهم، وإن من ذهاب العلم أن يذهب حملته، وإن من ذهاب العلم أن يذهب حملته، وإن من ذهاب العلم أن يذهب حملته) (3)، وقال في تحفة الأحوازي: (ومعنى هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، أي أن القراءة دون علم وتدبر محل نظر، وقال القارئ: أي: فكما لم تفدهم قراءتهما مع عدم العمل بما فيهما فكذلك أنتم) (4).
وعلى امتداد المسيرة ظهر ما كان في بطن الغيب ظهر الذين يقرأون القرآن لا يعدو تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وظهر الذين قرأوا ثم نقروا ثم اختلفوا ثم ضرب بعضهم رقاب بعض، وظهر الذين قرأوا ثم اعتزلوا ثم خرجوا على جيرانهم بالسيوف ورموهم بالشرك،