بينما كانوا هم إلى الشرك أقرب، وظهر الذين لا يقرأون القرآن إلا في حفلات النفاق التي يشرف عليها اليهود والنصارى في كل مكان، وعلى أكتاف هؤلاء وهؤلاء، انطلق البعض في طريق التقدم إلى الخلف، وارتبط مصيرهم بمصير الذين سبقوهم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن بني إسرائيل إنما هلكت حين كثرت قراؤهم) (1)، وأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن الذين يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، نطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء، كما نجم منهم قرن قطع حتى يكون آخرهم لصوصا سلابين، وقال: (لا يزالون يخرجون، حتى يخرج آخرهم مع الدجال) (2)، وفي رواية: (كلما قطع قرن نشأ قرن، حتى يكون مع بيضتهم الدجال) (3) وبالجملة، أقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحجة في أول الطريق، وانطلقت مع المسيرة حتى نهاية الطريق، وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته أن تأخذ بحبل الله حتى لا يضلوا، وقال: (ما من نبي بعثه الله عز وجل في أمة قبلي إلا له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، فمن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) (4)، وقال في الفتح الرباني:
(الحواريون هم خلصان الأنبياء وأصفياؤهم، والخصان هم الذين نقوا من كل عيب. وقيل الخلصان هم الذين يصلحون للخلافة بعد الأنبياء) (5).
ولقد دافع الإسلام عن العلم، ولم يقاتل يوما من أجل الكرسي، وأمر بالجهاد للإبقاء على الذروة التي تفيض بالعلم الإلهي ذروة كل العلوم