وروى ابن جرير أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في هذه الآية: (حذركم الله أن تحدثوا في الإسلام حدثا وقد علم أنه سيفعل ذلك أقوام من هذه الأمة، فقال تعالى: (فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم..) (الآية السابقة)، وإنما حسبوا أن لا يقع بهم من الفتنة ما وقع ببني إسرائيل قبلهم، وإن الفتنة عائدة كما بدأت) (1)، وروى ابن كثير عن ابن عباس، قال: (ما أشبه الليلة بالبارحة، (كالذين من قبلكم) هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم، والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل حجر ضب لدخلتموه) (2)، وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لا تبعتموهم):، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟ (3)، وقال المفسرون: إن المنافقين والمنافقات بعضهم من بعض، وإنهم جميعا والكفار ذو طبيعة واحدة في الإعراض عن ذكر الله والاقبال على الاستمتاع بما أوتوا من أعراض الدنيا من أموال وأولاد، والخوض في آيات الله، ثم في حبط أعمالهم في الدنيا والآخرة والخسران، ومعنى الآيات: أنتم كالذين من قبلكم، كانوا أشد منكم قوه وأكثر أموالا وأولادا، فاستمتعوا بنصيبهم، وقد تفرع على هذه المماثلة أنكم استمتعتم كما استمتعوا وخضتم كالذي خاضوا، أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون، وأنتم أيضا أمثالهم في الحبط والخسران.
لقد حذرت الدعوة الإلهية عند المقدمة من الاختلاف في الدين وذكرت أن الاختلاف بعد العلم لا يمكن أن يضع أصحابه على طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأنها طريقة بنيت على وحدة الكلمة ونفي الفرقة، وحذرت الدعوة أيضا من سلوك سبيل الذين أوتوا الكتاب، وبينت برامجهم وأهدافهم، وأخبرت بأنهم يصدون عن سبيل الله، ويعملون من أجل أن تضل الأمة وتتبع