الظافر والذي فر من إمامه ليدخل طلائع القاهرة ويتسلم الوزارة ونعت منذ ذلك الحين بالملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين. واستبد بالأمر لصغر سن الخليفة الفائز بنصر الله إلى أن مات الفائز فأقام مكانه العاضد لدين الله وكان صغيرا أيضا مما زاد من تمكن طلائع وتقوية شوكته.. (32) وقد أثقل طلائع على رجال القصر وضيق عليهم مما أدى في النهاية إلى تدبير مؤامرة لقتله فمات سنة 556 ه.. (33) وكان طلائع كريما شجاعا جوادا فاضلا محبا لأهل الأدب جيد الشعر.. رجل وقته فضلا وعقلا وسياسة وتدبيرا. وكان مهابا في شكله عظيما في سطوته محافظة على الصلوات فرائضها ونوافلها شديد المغالاة في التشيع.. (34) وقد بنى طلائع الجامع الذي خارج باب زويلة وهو يحمل اسمه حتى اليوم وكان يريد أن يدفن فيه رأس الحسين لولا استنثار القصر به.. (35) ومن تصانيفه كتابا سماه " الاعتماد في الرد على أهل العناد " جمع له الفقهاء وناظر هم عليه وهو يتضمن إمامة علي والكلام على الأحاديث الواردة في ذلك وله شعر كثير يشتمل على مجلدين في كل فن..
ومن شعره:
يا أمة سلكت ضلالا بينا * حتى استوى إقرارها وجحودها ملتم إلى أن المعاصي لم يكن * إلا بتقدير الإله وجودها لو صح ذا كان الإله بزعمكم * منع الشريعة أن تقام حدودها حاشا وكلا أن يكون إلهنا * ينهي عن الفحشاء ثم يريدها