السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ١٧
الحقوق ووضع الربا فهذا أمر مقبول عقلا. لكن الأمر الغير مقبول هو حضه على الاعتصام بالكتاب والسنة وطاعة الحكام..
فكان من الأولى أن يحض على الكتاب وحده فلم تكن السنة قد جمعت ولم تكن معروفة كمصدر للتشريع. حتى الكتاب - حسب رواياتهم - لم يكن قد جمع ولم يكن يحفظه إلا القلة القليلة من الصحابة. ويبدو أن إضافة السنة هنا هي من اختراع الرواة حيث أن هناك رواية أخرى لمسلم ذكر فيها الكتاب وحده ولم يذكر السنة..
أما طاعة الحكام فمن الواضح أنها من اختراع السياسة كي تمهد للأنظمة الحاكمة التي سوف تقوم بعد وفاة الرسول. وهي قضية مهدت لها عشرات الأحاديث الأخرى التي تلزم الأمة بطاعة الحكام وإن كانوا فجارا ينتهكون حرمات الناس.. (17).
وما رواه مسلم والبخاري وغيرهما إنما يتعلق بالشق الأول من خطبة الوداع.
لكن هناك شق آخر للخطبة تفوق أهميته أهمية الشق الأول. خطبه الرسول في مكان آخر أثناء عودته من الحج مكان يدعى غدير خم بالقرب من المدينة..
وهذا الشق لم يروه البخاري إنما رواه مسلم وكتب السنن الأخرى. وهو محل جدل بين السنة والشيعة. حيث إن السنة تشكك فيه وإن اعترفت به فهي تشكك في أبعاده والمراد منه. بينما الشيعة تعده من أقوى التصريحات النبوية على وصية الرسول للإمام علي والتي تؤكد أن الرسول وضع خطوطا عريضة للأمة تهتدي بها بعد وفاته فيما يتعلق بالحكم والإمامة وسائر أمور الدين..
وكون أن الرسول يوصي في حجة الوداع بكتاب الله وآل بيته فإن المسألة يكون لها مدلول آخر. وكونه يمسك بيد علي ويعلن أنه وليه ويدعو لمن والاه ويدعو على من عاداه فإن المسألة هنا تزداد وضوحا..

(17) أنظر البخاري ومسلم وكتب السنن وهي تكتظ بعشرات الأحاديث التي توجب طاعة الحكام وأن جلدوا ظهور الناس وسلبوا أموالهم وعدم منابذتهم والخروج عليهم وأن الخروج يوجب الحكم بالإعدام ويخرج المسلم من دائرة الإسلام. وانظر لنا عقائد السنة وعقائد الشيعة باب الإمامة..
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة