السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ١٨
ولعل هذا ما دفع بخصوم علي من الصحابة إلى إنكار ما سمعوه من الرسول بحقه بعد وفاته عندما احتدم الصراع على الحكم. فقد كانت القبلية لا زالت مستحكمة في نفوس الناس آنذاك. كما أن المنافقون وهم قطاع بارز في المجتمع المدني في حياة الرسول قد برز أكثر بعد وفاته..
ويبدو أن هناك تحالف بين جبهة القبليين وجبهة المنافقين تم في مواجهة جبهة علي وشيعته من الصحابة انتهت بهزيمة جبهة علي..
ويروى أن عليا شكى الناس لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقام الرسول خطيبا فقال: أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله.. (18) والناس هنا بالطبع هم قطاع من الصحابة كان يتقول على علي ويحسده على مكانته من الرسول وعلو شأنه في الإسلام..
وقد حسم رسول الله هذا الأمر بالحكم على مبغضي الإمام علي وكارهيه بالنفاق فيما يروى على لسان علي: عهد إلي النبي الأمي: أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق..) (19) ويروى: كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله بأمرين: صلاة العتمة وبغض عليا.. ومثل هذه الروايات إنما تشير إلى أن الجبهة المعادية لعلي كان لها وجودها في حياة الرسول. كما أن الجبهة المناصرة له كان لها وجودها أيضا..
وابن تيمية وهو خصم للشيعة ولكل الخارجين على خط بني أمية أقر بأن الرسول أوصى في غدير بأهل البيت وذكر قوله (أذكركم الله في أهل بيتي) في عقيدته الواسطية دون ذكر بقية كلام الرسول في علي..
وبالطبع فإن ابن تيمية لا يرى ولا يفهم من كلام الرسول هذا ما يفهمه أصحاب العقول من أنه دلالة على أحقيتهم بالإمامة والاتباع من بعده. وهذا الفهم لدور آل البيت هو الذي ساد بعد وفاة الرسول وانتصر له ابن تيمية وتلقفته الحكومات

(18) مسند أحمد ج‍ 3 / 86.
(19) سنن ابن ماجة باب فضائل أصحاب رسول الله. ومثله في الترمذي ومسلم وأحمد.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة