المقدمة كان البحث عن حقيقة الإسلام وسط ركام من الأقوال والفتاوى والأحاديث وأحداث التاريخ أمرا شاقا وعسيرا. فمنذ أن توفي الرسول صلى الله عليه وآله وحتى اليوم علقت بالإسلام الكثير والكثير من الشوائب التي غطت على معالمه وموهت على حقيقته وقضت على ملامحه حتى أنه تحول إلى إسلام آخر غير ذاك الإسلام الذي ورثه الرسول للأمة. وبدأ وكأن الأمر يحتاج إلى رسول جديد لبعث الإسلام مرة أخرى.
هذا ما توصلت إليه من خلال بحثي وقراءاتي وتجاربي الطويلة في دائرة الواقع الإسلامي بمصر والتي استمرت أكثر من عشرين عاما.
إن ما عايشته وواجهته من قبل التيارات الإسلامية في مصر كان الدافع الأول والأساس الذي أدى بي للغوص من التراث الإسلامي المصدر الأساس لهذه التيارات كمحاولة للوصول إلى الخلل الذي أوجد التناحر والتكاثر بين هذه التيارات.
لم أجد هذا الخلل من الحاضر بل وجدته من الماضي.
وأعترف أن البحث عن هذا الخلل يتطلب شرطا أساسيا لم يكن متوافرا من بداية ألا وهو التجرد من قدسية الأشخاص أي وجود الشخصية الفكرية المستقلة المتحررة من عبادة الرجال. فقد كنت أغوص في التراث وأنا أحمل بين جنبي رهبة وقدسية لرموز السلف بداية من الصحابة ونهاية بالفقهاء.