الزهري، أنه قال: كنت عند الوليد بن عبد الملك بن مروان فقال: الذي تولى كبره منهم، علي، فقلت: لا، حدثني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبد الله بن عتبة بن مسعود - وكلهم سمع عائشة تقول: الذي تولى كبره، عبد الله بن أبي.
وقد بينت رواية ابن مردويه سبب مقالة الوليد هذه، قال الزهري: كنت عند الوليد بن عبد الملك ليلة من الليالي وهو يقرأ سورة النور مستلقيا، فلما بلغ هذه الآية: (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم...) حتى بلغ قوله تعالى:
(والذي تولى كبره) جلس ثم قال: يا أبا بكر، من تولى كبره منهم؟ أليس:
علي بن أبي طالب؟ قال: قلت في نفسي: ماذا أقول، لئن قلت لا، لقد خشيت أن ألقى منه شرا، ولئن قلت نعم، لقد جئت بأمر عظيم، قلت في نفسي: لقد عودني الله على الصدق خيرا، قلت: لا، قال: فضرب بقضيبه على السرير، ثم قال: فمن، حتى ردد ذلك مرارا، قلت: لكن عبد الله بن أبي.
هذا وكان هشام بن عبد الملك يعتقد مثل هذا كأخيه الوليد، فلقد أخرج ابن شيبة في مسنده عن الإمام الشافعي عن عمه محمد بن علي بن شافع قال:
دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك فقال له: يا سليمان: الذي تولى كبره من هو؟ قال: ابن أبي، قال هشام: كذبت، هو علي، قال: أمير المؤمنين اعلم بما يقول، فدخل الزهري، فقال هشام: يا ابن شهاب، من تولى كبره، قال: ابن أبي، قال هشام: كذبت، هو علي، فقال الزهري: أنا أكذب، لا أبا لك، والله لو نادى مناد من السماء، أن الله أحل الكذب، ما كذبت (1).