ألا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل، وشكى، ما يلقى من اليهود، فنزلت هذه الآية، فقرأها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء.
ونحو هذا قال الكلبي، وزاد: أن آخر الآية في علي بن أبي طالب، رضوان الله عليه، لأنه أعطى خاتمه سائلا، وهو راكع في الصلاة.
وعن ابن عباس قال: أقبل عبد الله بن سلام، ومعه نفر من قومه قد آمنوا، فقالوا: يا رسول الله، إن منازلنا بعيدة، وليس لنا مجلس ولا متحدث، وإن قومنا لما رأونا آمنا، بالله ورسوله صدقناه، رفضوا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكيلوا منا فشق ذلك علينا، فقال لهم النبي - عليه الصلاة والسلام - (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) - الآية.
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج إلى المسجد، والناس بين قائم وراكع، فنظر سائلا فقال: هل أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم خاتم من ذهب، قال: من أعطاكه؟ قال: ذلك القائم، وأومأ بيده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال على أي حال أعطاك؟ قال: أعطاني وهو راكع، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قرأ (ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) (1).
وفي تفسير الزمخشري: أن آية (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) - الآية، إنا نزلت في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - حين سأل سائل، وهو راكع في صلاته، فطرح له خاتمه كأنه كان مرجا في خنصره، فلم يتكلف لخلعه كثير عمل يفسد بمثله صلاته، فإن قلت كيف صح أن يكون لعلي، رضي الله عنه، واللفظ لفظ جماعة، قلت: جئ به على لفظ الجمع، وإن كان السبب فيه رجلا واحدا، ليرغب الناس في مثل فعله، فينالوا مثل نواله، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية