أحد غيره من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي بعثه بسورة براءة إلى أهل الموسم، ونبذه ما كان للمشركين من عهد، هذا الأمر كان يمكن أن يقوم به أي صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن أبا بكر، أمير الموسم، كان أحق به وأولى.
غير أن هناك ملحظا خاصا، لا يتم هذا الأمر إلا به، ولا يصلح له من الناس، إلا من كان على وصف خاص، مهيأ له، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي)، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال لعلي - عندما اعتذر بأنه ليس لسنا ولا خطيبا - (لا بد لي أن أذهب بها أنا، أو تذهب بها أنت)، إذن فالأمر لا يقوم به، إلا أحد رجلين: النبي أو علي، ذلك لأن العهود والمواثيق التي يعقدها النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هي مما يحسب في ذمة الشخص، يتولاها المرء بنفسه، أو من هو بمنزلة نفسه، ومن ثم فقد كان انتداب رجل من أهل البيت النبوي الشريف أمرا لازما، إذا لم يكن الرسول نفسه هو الذي يقوم به، وذلك لأن هذه العهود إنما كانت مع قبائل لم تدخل الإسلام بعد.
ومن ثم فإن هذه العقود والمواثيق إنما كانت بين النبي والمشركين، وبالتالي فإن من تعاقدوا مع النبي من المشركين لا يرضون أن يحلهم من هذه العقود، إلا من كان طرفا فيها، أو من يقوم مقامه من خاصة أهله، ومن هنا كان اختيار الإمام علي لتبليغ آيات سورة براءة.
بل إن المقريزي إنما يذهب إلى أن الإمام علي، هو الذي عاهد المشركين، ومن ثم فقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى لو كان النبي صلى الله عليه وسلم، هو الذي عاهدهم - وهو الأصح طبقا للنصوص - فإن العرب كانت إذا تحالف سيدهم أو رئيسهم مع آخر، لم ينقض ذلك العهد، إلا الذي تحالف وأقرب الناس قرابة منه.
وخلاصة الأمر، أن الإمام علي بن أبي طالب، كان هو وحده من بين الصحابة جميعا، الذي هو بمنزلة نفس النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فقد تكرر في الأحاديث