وروى النسفي في تفسيره: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبا بكر على موسم سنة تسع، ثم أتبعه عليا راكبا العضباء، ليقرأها على أهل الموسم، فقيل له: لو بعثت بها إلى أبي بكر، فقال: لا يؤدي عني إلا رجل مني، فلما دنا علي، سمع أبو بكر الرغاء فوقف، وقال: هذا رغاء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما لحقه قال: أمير أو مأمور، قال: مأمور، فلما كان قبل التروية خطب أبو بكر وحثهم على مناسكهم، وقام علي يوم النحر، عند حمرة العقبة فقال: يا أيها الناس، إني رسول رسول الله إليكم، فقالوا: بماذا، فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية، ثم قال: أمرت بأربع، أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده (1).
وروى المحب الطبري في الرياض النضرة عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت عشر آيات من براءة، على النبي صلى الله عليه وسلم، دعا النبي صلى الله عليه وسلم، أبا بكر، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني فقال لي: أدرك أبا بكر، فحيثما لقيته فخذ الكتاب، فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، نزل في شئ؟ قال:
لا، جبريل جاءني فقال: لا يؤدي عنك، إلا أنت أو رجل منك (2).
ولعل من الجدير بالإشارة هنا أن الفضل المسوق إلى الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - في حديث براءة، وكذا في غزوة تبوك - إنما سيق إليه عن قصد من سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، امتثل فيه أمرا سماويا تلقاه من ربه، عن طريق جبريل عليه السلام، ليكون الإمام علي هو المختار لهذين الموقفين، لمزية فيه، لا توجد في