والوجه عندي في ذلك، أن يعتبر في البيعة حصول مبلغ من الأتباع والأنصار والأشياع، تحصل بهم شوكة ظاهرة، ومنعة قاهرة، بحيث لو فرض ثوران خلاف، لما غلب على الظن أن يصطدم أتباع الإمام، فإذا تأكدت البيعة، وتأطدت بالشوكة والعدة والعدد، واعتضدت، وتأيدت بالمنة، واستظهرت بأسباب الاستيلاء، والاستعلاء، فإذا تثبت الإمامة وتستقر، وتتأكد الولاية وتستمر، ولما بايع عمر مالت النفوس إلى المطالبة والموافقة، ولم يبد أحد شراسا " وشماسا "، وتظاهروا على بذل الطاعة على حسب الاستطاعة (1).
ويذهب القلقشندي في مآثر الإنافة في معالم الخلافة إلى أن الإمامة إنما تنعقد بثلاث طرق، تترتب على كل طريق جملة من الأحكام، كالتالي:
1 - الطريق الأول: البيعة:
وهو أن يجتمع أهل الحل والعقد، ويعقدون الإمامة لمن يستجمع شرائطها، ويتأتى ذلك في موضعين:
الأول: أن يموت الخليفة الذي كان منتصبا "، عن غير عهد إلى أحد بعده.
والثاني: أن يخلع الخليفة نفسه من الخلافة، أو يخلعه أهل الحل والعقد، لموجب اقتضى خلعه نفسه، أو خلع أهل الحل والعقد له.
هذا ويشترط لصحة عقد البيعة شروطا " خمسة:
الأول: أن يجتمع في المأخوذ له البيعة كل شروط الإمامة - الآنفة الذكر - فلا تنعقد مع فوات واحد منها، إلا مع الشكوة والقهر، فلو جمع شروط الإمامة اثنان فأكثر، قال الماوردي (2): فلو تكافأ في شروط الإمامة اثنان قدم لها