اضطرارهم إلى التعلق بهذا الدرع، الذي حمى كثيرا " من المسلمين قبلهم وبعدهم، بل لقد كان من لصوق التقية بالخوارج، أنهم - مع اعتبارهم أن غيرهم من المسلمين كفارا " - جوزوا تزويج المسلمات - أي الخارجيات - من كفار قومهم - أي المسلمين ذوي المذاهب الأخرى - في دار التقية. ولعل هذا إنما يعني أنهم - وهم غلاة المخلصين لمبادئهم - إنما قد سمحوا بالزنا، الذي يعنيه تزويج الكافر بالمسلمة - بقدر ما يتعلق الأمر بعقيدتهم - ليس في سبيل المحافظة على حياتهم، وإنما لأن الظروف تقتضي التقية والكتمان، هذا فضلا " عن أن للصدقات عندهم تنظيم خاص، يختلف في حال التقية عنه في حال العلانية.
ومع ذلك، فإن هذا لا يعتنقه كل الخوارج، ولكنه الرأي المشهور من كثير من فرقهم، وقد التزم به النجدات والإبراهيمية والضحاكية والإباضية والصوفية، وغيرهم (1).
5 - التقية عند الشيعة:
لقد بدأت محنة الشيعة الحقيقية منذ استشهاد سيدنا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة وما تلاه من تنازل سيدنا الإمام الحسن بن علي، رضي الله عنه، لمعاوية بن أبي سفيان في عام 41 ه (661 م)، والذي سموه عام الجماعة، وما كان عام جماعة، بل كان عام فرقة وقهر، وجبرية وغلبة، والعام الذي تحولت فيه الإمامة ملكا " كسرويا "، والخلافة غضبا " قيصريا "، بعد أن استولى معاوية على الملك، واستبد على بقية الشورى، وعلى جماعة المسلمين من الأنصار والمهاجرين (2).
وعلى أية حال، فلقد كان من شروط الصلح الذي عقد بين الإمام الحسن