يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وشبت بعد قتل عثمان وحرب معاوية بن أبي سفيان للإمام علي، ومن قبل ذلك خروج السيدة عائشة وطلحة والزبير، ثم موقعة الجمل، ثم نضجت يوم استشهاد الأئمة - علي والحسين وزيد ويحيى وغيرهم من كرام الأئمة - حتى اتخذت ثوب التقية وتدرعت به لتحفظ رسالة الإمام الصادق، كإمام قاعد، يعيش للعلم، يدرسه عن ربه ونبيه وأجداده، ويعلمه ويعمل، ويدرس ما اختلف فيه، فيكون أعلم الناس، لعلمه باختلاف الناس (1)، كما قال عنه الإمام أبو حنيفة.
ومن هنا أكد مؤرخو الشيعة أن التراث الشيعي إنما قد عاش، لأن أربعة عشر قرنا " تعيش في تياراته، وتغني المضمون الروحي للفكر الإسلامي من خلال صراع آرائه (2).
(2) أصل التشيع اختلف المستشرقون - من أمثال دوزي، وميور، وجولد تسيهر، وفلهاوزن - في أصل التشيع في جذوره الأولى إلى الفرس، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، ما دام لم ينجب ولدا "، فولده علي، شرعا " وقانونا " إلهيا "، وهذا من المذاهب الفارسية التي تعتقد في الحق الإلهي للملك (3).
ويقول الدكتور عبد القادر محمود (4): إنه حقا " قد دخلت أفكار فارسية على التفكير الإسلامي - فضلا " عن أفكار يونانية ويهودية ونصرانية كذلك - غير أن ذلك لم يفقد التفكير الإسلامي شخصيته في عقيدته، فكل شئ دخل على الإسلام، صادف في الإسلام شيئا " قائما " في ذاته وموضوعه، لم يخلقه من