إقليمين متباعدين، ففيه وجهان عند الشافعية، أصحهما ما عليه الجمهور بطلان بيعتهما، وثانيهما: ما ذهب إليه أبو إسحاق الإسفراييني، واختاره إمام الحرمين، صحة بيعتهما جميعا "، لأنه قد تدعو الحاجة إلى ذلك - كما كانت الخلافة الأموية في الأندلس، والفاطمية في مصر والمغرب، مع قيام الخلافة العباسية في العراق -.
هذا وقد اختلف العلماء فيما إذا انفرد واحد بشروط الإمامة، هل تثبت إمامته بمجرد تفرده بها من غير عقد بيعة؟ ذهب فريق من العلماء إلى انعقاد إمامته - وإن لم يعقدها له أهل الحل والعقد - لأن المقصود من الاختيار، إنما هو تمييز من يستحق الولاية، وقد تميز هذا بصفته، وهذا ما نقله الماوردي عن بعض علماء أهل العراق.
على أن هناك من يرى أنها لا تنعقد، إلا بعقد أهل الحل والعقد، لأن الإمامة عقد، فلا يصح إلا بعاقد، كما لو انفرد واحد باستجماع شرائط القضاء، فإنه لا يصير قاضيا " حتى يولي، وهو ما عليه جمهور الفقهاء، وعليه اقتصر الرافعي والنووي، المعتمد على ترجيحهما (1).
2 - الطريق الثاني: العهد:
كان الطريق الثاني من الطرق التي تنعقد بها الإمامة هو العهد، وهو أن يعهد الخليفة المستقر إلى غيره، ممن استجمع شرائط الخلافة بالخلافة بعده، فإذا مات العاهد انتقلت الخلافة بعد موته إلى المعهود إليه، ولا يحتاج مع ذلك إلى تجديد بيعة من أهل الحل والعقد، ولذلك حالتان:
الأولى: أن يعهد الخليفة بالخلافة من بعده إلى واحد فقط، فيجب الاقتصار عليه، والأصل في ذلك ما روي من أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه