الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ١٥١
تاسعا ": إمامة المفضول يقول ابن حزم: إن الخوارج والشيعة - ما عدا الزيدية - وقوم من المعتزلة، يذهبون إلى أنه لا تجوز إمامة أحد، إذا وجد من هو أفضل منه، قال أبو الحسن الأشعري: يجب أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه في شروط الإمامة ولا تنعقد الإمامة لأحد، مع وجود من هو أفضل منه فيها - وإن أجاز بعض الأشاعرة عقد الإمامة للمفضول (1) -.
ويرى ابن حزم: أن عدم جواز عقد الإمامة للمفضول ليس صحيحا "، إذ لو كان صحيحا "، لما صحت إمامة أبدا "، إذ لا يتيقن الفضل في أحد بعد الصحابة، مع توازي الناس في الفضل وتقاربهم، ثم يضرب ابن حزم مثلا " بقبيلة قريش في زمانه (أي في الفترة 384 - 456 ه‍ / 994 - 1064 م)، فإنها قد كثرت، وطبقت الأرض من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، فلا سبيل أن يعرف الأفضل من قوم هذا مبلغ عددهم، بوجه من الوجوه (2).
وأما أهل السنة والزيدية والمرجئة، وقوم من المعتزلة، فقد ذهبوا إلى إمامة المفضول، الذي في الناس أفضل منه، إذا كان المفضول قائما " بالكتاب والسنة، يقول ابن حزم: وهذا هو الصواب، إلا إذا كان الفضل في جميع الوجوه متيقنا "، من الفضل البين والعلم - كما كان في أبي بكر (3).
وعلى أية حال، فهناك من يرى أنه لا يجوز إمامة المفضول بحال، ويفسق المفضول، إذا سبق الأفضل بالدعوة (4).
على أن الزيدية (5) - رغم اعتقادهم بأفضلية الإمام علي بن أبي طالب على

(١) البغدادي: أصول الدين - بيروت ١٩٨١ ص ٢٩٣.
(٢) ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل ٤ / ١١٠ (دار الباز - مكة المكرمة ١٩٥٧).
(٣) ابن حزم: الأصول والفروع ٢ / ٢٩٢ (تحقيق محمد عاطف العراقي - القاهرة ١٩٧٨).
(٤) أحمد صبحي: المذهب الزيدي ص ٤٩.
(٥) الزيدية: هم أتباع الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين، وبعد استشهاد زيد انقسم تلاميذه إلى فرق، فجعلهم القاضي عبد الجبار ست فرق: هي الجارودية والسليمانية البترية واليمانية والصباحية والعقبية (المغني في أبواب التوحيد والعدل ٢٠ / ١٨٤ - ١٨٥ - القاهرة ١٩٦٥) وذكر الرازي لهم ثلاث فرق هي: الجارودية والسليمانية والصالحية (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ٥٢ - ٥٣)، وأما الأشعري فالرأي عنده أنهم ست فرق هم: الجارودية والبترية والعقبية، ثم النعيمية، ولا يذكر اسم الفرقة الخامسة (والتي يرى أنها تتبرأ من أبي بكر وعمر، ولا تنكر رجعة الأموات)، وأخيرا " اليعقوبية (مقالات الإسلاميين ١ / ١٤٠ - ١٤٥)، وأما النوبختي، فيقسمهم إلى الضعفاء والأقوياء (فرق الشيعة ص ٥٧ - ٥٨ - دار الأضواء - بيروت ١٩٨٤ م)، على أن المسعودي إنما يذكر لهم ثماني فرق (مروج الذهب ٣ / ٢٢٠)، ويذكر المقريزي خمس فرق هي: الجارودية والجريدية والبترية واليعقوبية والصباحية (خطط المقريزي ٢ / ٣٥٢ - ٣٥٤).
ولا يذكر ابن تيمية (منهاج السنة ١ / ٢٦٥) والبغدادي (الفرق بين الفرق ص ٢٢ - ٢٣) والاسفراييني (التبصير في الدين ص ١٦ - ٢٧) والشهرستاني (الملل والنحل ١ / ١٥٤ - ١٦٢) غير ثلاث فرق هي: الجارودية والسليمانية والبترية، وانفرد ابن النديم يذكر فرقة القاسمية (الفهرست ص ٢٧٤)، وأما الملطي أقدم مؤرخي الفرق (ت 377 ه‍ / 987 م)، فقد اعتبر الزيدية من جملة الروافض بحجة طعنهم في عثمان، وإن كانوا يتولون أبا بكر وعمر، ثم قسمهم إلى أربع فرق (التنبيه والرد ص 38 - 39، 156)، وانظر الزيدية وفرقها (الدكتور أحمد شوقي إبراهيم: الحياة السياسية والفكرية للزيدية في المشرق الإسلامي - رسالة دكتوراه من قسم التاريخ - كلية الآداب - جامعة المنيا - 1411 ه‍ / 1991 م).
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست