وثانيها: أن أقل من تنعقد بهم أربعون - لا دونهم - لأن عقد الإمامة فوق عقد الجمعة، ولا تنعقد بأقل من أربعين.
وثالثها: أقل من تنعقد به خمسة يجتمعون على عقدها، أو يعقدها أحدهم برضى الأربعة، لأن بيعة أبي بكر، رضي الله عنه، انعقدت بخمسة - وهم عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وأسيد بن حضير وبشير بن سعد، وسالم مولى أبي حذيفة - ثم تابعهم الناس على ذلك، وقد جعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، شورى في ستة نفر، تنعقد لأحدهم برضى الخمسة.
ورابعها: تنعقد بأربعة، لأن الشهادة في الزنا تقوم بأربعة، فكذلك الإمامة.
وخامسها: تنعقد بثلاثة يتولاها أحدهم برضى الاثنين الآخرين، ليكونوا حكما " وشاهدين، كما يصح عقد النكاح بولي وشاهدين.
وسادسها: تنعقد باثنين، لأن رتبة الخلافة لا تنقص عن رتبة الحكومات، والحاكم لا يلزم أحد الخصمين حق صاحبه إلا بشهادة عدلين، فكذلك لا يلزم الناس الانقياد لقول الإمام إلا بعدلين.
وسابعها: تنعقد بواحد، لما روي أن العباس رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - أمدد يدك أبايعك، فيقول الناس:
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بايع ابن أخيه، فلا يختلف فيه اثنان، وقد قيل: إن بيعة الصديق، رضي الله عنه، انعقدت ببيعة عمر وحده، ولأنه حكم، وحكم الواحد نافذ.
ثم يضيف القلقشندي ثامنا "، ويرى أنه الأصح عند أصحابه الشافعية، رضي الله عنهم، وهو: أن الإمامة تنعقد بمن تيسر حضوره وقت المبايعة في ذلك الموضع، من العلماء والرؤساء وسائر وجوه الناس، المتصفين بصفات الشهود، حتى لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفى، لأن الأمر، إذا لم يكن