ثم إن لعمار موقفا " محددا " بالنسبة لخلافة عثمان، رضي الله عنه، فقد كان من أنصار الإمام علي، فعندما جمع عبد الرحمن بن عوف الناس في المسجد النبوي الشريف في اليوم الثالث، قال عبد الرحمن: أيها الناس، أشيروا علي في هذين الرجلين (عثمان وعلي)، فقال عمار بن ياسر: إن أردت ألا يختلف الناس، فبايع عليا " عليه السلام، فقال المقداد: صدق عمار، وإن بايعت عليا " سمعنا وأطعنا، فقال عبد الله بن أبي سرح: إن أردت ألا تختلف قريش فبايع عثمان، وقال عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي: صدق، إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا، فشتم عمار ابن أبي السرح (وهو أخو عثمان لأمه); وقال: متى كنت تنصح الإسلام. فتكلم بنو هاشم وبنو أمية، وقام عمار فقال: أيها الناس، إن الله أكرمكم بنبيه صلى الله عليه وسلم، وأعزكم بدينه، فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم.
فلما اختار عبد الرحمن عثمان قال عمار: يا عبد الرحمن: أما والله لقد تركته، وإنه من الذين يقضون بالحق، وبه يعدلون (1).
2 - أبو ذر الغفاري:
يقول أبو نعيم في حليته: هو العابد الزهيد، القانت الوحيد، رابع الإسلام، ورافض الأزلام قبل نزول الشرع والأحكام، تعبد قبل الدعوة بالشهور الأعلام، وأول من حيا الرسول بتحية الإسلام، لم يكن تأخذه في الحق لائمة اللوام، ولا تفزعه سطوة الولاة والحكام، أول من تكلم في علم البقاء، وثبت على المشقة والعناء، وحفظ العهود والوصايا، وصبر على المحن والرزايا، واعتزل مخالطة البرايا إلى أن حل بساحة المنايا، أبو ذر الغفاري، رضي الله عنه، خدم الرسول، وتعلم الأصول، ونبذ الفضول (2).