التاريخ ما يحكمون به في تاريخ الفقه، ويصححون ما ينقله الدميري في كتابه (الحيوان) ويكذبون ما يرويه الإمام مالك في (الموطأ) 4 - يجمع المستشرقون الشبهات المختلفة ويؤلفون بينها لإعطائها صورة كاملة، مثال ما قام به المستشرق الألماني ولهلم هور نباخ (الأستاذ في جامعة بون بألمانيا) من جمع قطع ونتف وشذرات من كتاب (الإصابة) للحافظ ابن حجر، ثم ينشرها على أنها كتاب (الردة) لابن حجر الذي ألفه أبو زيد ابن الفرات المتوفي عام 237 ه وهو فارسي الأصل، وقد ضاع هذا الكتاب فأشار ابن حجر إليه في بعض المواضع، فما كان من المستشرق ولهلم إلا أن جمع هذه القطع على أنها تراجم لأشخاص ارتدوا عن الاسلام، ولا يقوم بمثل هذا العمل إلا مغرض صاحب هوى، لأنه يخالف البحث العلمي السليم.
وشبيه هذا ما أورده المستشرقون من الزعم بأن العرب كانوا قبل البعثة النبوية على حضارة ونهضة، وأن دور النبي صلى الله عليه و (آله) وسلم لم يزد على أنه نهض بهم فنهضوا مع أن الحقيقة الواضحة أن العرب في جاهليتهم كانوا قبائل متفرقة متصارعة، وأن الاسلام هو الذي وحدهم في أمة واحدة، ودفعهم إلى آفاق النهوض والتوسع: (لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم (1)، (واذكروا إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بتعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها (3).
5 - وقد حرص المستشرقون على التنويه بشأن " القرامطة " وإظهارهم بمظهر طلاب العدل والاصلاح، وهم الذين عجزوا عن أن يحققوا أي منهج يمكن أن يوصفوا به على أنهم دعاة حق حين امتلكوا زمام الحكم في القرن الرابع الهجري، بل انكشف باطلهم وزيفهم، وظهرت حقيقتهم صنائع لليهود انقضوا على الدولة الاسلامية بالتآمر والتعاون مع أعداء المسلمين وخصومهم.
6 - وعمل المستشرقون على إحياء التراث الباطني المجوسي