الفصل الثالث في دفع شبهات المخالفين وحينئذ يأتي دور النظر في شبهات المخالفين، ولما كان هذا الاستدلال من أقوى أدلة أصحابنا على إمامة أمير المؤمنين، لكونه مستندا إلى الكتاب والسنة الثابتة المقبولة لدى الفريقين، فقد بذلوا أقصى جهودهم للرد عليه.
وقد اشترك في الرد على هذا الاستدلال المعتزلة والأشاعرة، وقد ظهر لدى التحقيق أن الأصل في عمدة شبهاتهم في المقام هم المعتزلة، والأشاعرة عيال عليهم وتبع لهم.
* فلنورد أولا ملخص كلام القاضي عبد الجبار المعتزلي في الاعتراض على الاستدلال بالآية، فإنه قال: إعلم أن المتعلق بذلك لا يخلو من أن يتعلق بظاهره أو بأمور تقارنه، فإن تعلق بظاهره فهو غير دال على ما ذكر، وإن تعلق بقرينة فيجب أن يبينها، ولا قرينة من إجماع أو خبر مقطوع به. فإن قيل: ومن أين أن ظاهره لا يدل على ما ذكرناه؟ قيل له: إنه تعالى ذكر الجمع، فكيف يحمل على واحد معين؟ وقوله: * (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * لو ثبت أنه لم يحصل إلا لأمير المؤمنين، لم يوجب أنه المراد بقوله: * (والذين آمنوا) * ولأن صدر الكلام إذا كان عاما لم يجب تخصيصه لأجل تخصيص الصفة. ومن أين أن المراد بقوله: * (يؤتون الزكاة وهم راكعون) * ما زعموه دون أن يكون المراد به أنهم يؤتون الزكاة وطريقتهم التواضع والخضوع. وليس من المدح إيتاء الزكاة مع الاشتغال بالصلاة، لأن الواجب في الراكع أن يصرف همته ونيته إلى ما هو فيه ولا يشتغل بغيره. قال شيخنا أبو هاشم يجب أن يكون المراد