مرضه: " مروا أبا بكر يصلي بالناس " نص خفي في توليته الأمر وتقليده أمر الأمة، وهو على تقدير صحته لا يدل على ذلك. ومتى سمعوا حديثا في أمر علي نقلوه عن وجهه، وصرفوه عن مدلوله، وأخذوا في تأويله بأبعد محتملاته، منكبين عن المفهوم من صريحه، أو طعنوا في راويه وضعفوه وإن كان من أعيان رجالهم وذوي الأمانة في غير ذلك عندهم.
هذا، مع كون معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وعمران بن حطان الخارجي، وغيرهم من أمثالهم، من رجال الحديث عندهم، وروايتهم في كتب الصحاح عندهم ثابتة عالية يقطع بها ويعمل عليها في أحكام الشرع وقواعد الدين.
ومتى روى أحد عن زين العابدين علي بن الحسين، وعن ابنه الباقر، وابنه الصادق وغيرهم من الأئمة عليهم السلام، نبذوا روايته وأطرحوها وأعرضوا عنها فلم يسمعوها وقالوا: رافضي لا اعتماد على مثله، وإن تلطفوا قالوا: شيعي ما لنا ولنقله! مكابرة للحق وعدولا عنه، ورغبة في الباطل وميلا إليه، واتباعا لقول من قال: إنا وجدنا آباءنا على أمة.
ولعلهم لما رأوا ما جرت الحال عليه أولا من الاستبداد بمنصب الإمامة فقاموا بنصر ذلك محامين عنه غير مظهرين لبطلانه ولا معترفين به، استينافا لحمية الجاهلية. وهذا مجال طويل لا حاجة بنا إليه " (1).