هذا الكتاب وهذا هو الجزء الرابع من كتابنا (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار) وموضوعه حديث السفينة (وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم - في أحد ألفاظه -: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك) سندا ودلالة، وهو يشتمل على البحث في ثلاث جهات:
الأولى: جهة السند، وقد التزم في هذه الجهة جانب الاختصار، وذلك لأن (الدهلوي) صاحب كتاب (التحفة الاثنا عشرية) المردود عليه لم يتطرق إلى هذه الجهة بالنسبة إلى حديث السفينة، وكأنه يذعن بصحته - في الأقل -: لكن بعض أسلافه المتعصبين، وهو ابن تيمية الحراني - كابر في هذه الجهة أيضا قائلا في الرد على العلامة الحلي رحمه الله: (وأما قوله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح. فهذا لا يعرف له إسناد أصلا، صحيح ولا ضعيف، ولا هو في شئ من كتب الحديث التي يعتمد عليها، وإن كان قد رواه من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات، فهذا مما يزيده وهنا وضعفا).
فلم يكن بد من البحث في هذه الجهة - ولو باختصار - لغرض إثبات تواتر هذا الحديث وشهرته - فضلا عن صحته - وأن له أسانيد صحيحة في كتب الحديث التي يعتمد عليها، ليظهر بطلان دعوى ابن تيمية ويتبين كذبه أو جهله بهذه الحقيقة الراهنة.
فإذا لم يكن (فضائل علي لأحمد) و (المستدرك على الصحيحين) و (تهذيب الآثار) و (مسند أبي يعلى) و (مسند البزار) و (المعجم الصغير) و (مشكاة المصابيح) و (المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية) وأمثالها (من كتب الحديث التي يعتمد عليها) فأي كتاب عندهم يعتمدون عليه؟!
وإذا كان (الأعمش) و (أبو إسحاق السبيعي) و (مسلم بن الحجاج)