الإمامية (1). كما كان لآرائه الكلامية أيضا أثرها فقد قام تلاميذه بنشرها حتى كونت مدارس كلامية خاصة ومن أشهر هؤلاء هشام بن الحكم (2).
إلا أن الفقه الجعفري لم يكتب له الانتشار كما انتشرت المذاهب الفقهية الأخرى وذلك لأن السلطة الحاكمة آنئذ قد حدت من انتشاره وفضلت عليه المذاهب الفقهية الأخرى حتى لا تفسح السبيل لظهوره.
كما حفل عصر الصادق بظهور حركات غلو مختلفة بين شيعته واختلافهم في الإمامة فوضح السبيل لشيعته وأبانه كما حارب الغلو وتبرأ منه وسيأتي بيان ذلك في فصل الإمامة. وكان هذا السبيل الذي سلكه الصادق قد سار عليه بقية الأئمة بعده وهكذا نجد أن الأثر الذي تركه جعفر الصادق على النواحي الفكرية أهم وأعظم من أثره على النواحي السياسية فقد كان الصادق كما يقول الشهرستاني:
وهو ذو علم غزير في الدين وأدب كامل في الحكمة وزهد في الدنيا وورع تام عن الشهوات وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه، ويفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق وأقام بها مدة ما تعرض للإمامة قط ولا نازع أحدا في الخلافة ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط... (3).
وعاش الصادق هكذا حتى توفي في سنة 148 ه بالمدينة وقد اختلف في وفاته فاليعقوبي يذكر أنه توفي زمن المنصور وأن المنصور حزن عليه. وكان يقول:
فإن سيدهم وعالمهم وبقية الأخبار منهم توفي... كما وصف جعفرا بأنه ممن قال الله فيه: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فكان جعفر بن محمد ممن اصطفى الله وكان من السابقين