وبعد: فكيف نقلتك الزيادة التي تدعيها؟ وإنما طولت بوجه البرهان من الخبر فرمته، فلما لم تجد إليه سبيلا عدلت إلى سواه، وهو أنك جعلت قول النبي (صلى الله عليه وآله): " هذا وضوء لا يقبل الصلاة إلا به " حكما ساريا علي، فلما بينا بطلان ذلك جعلته خاصا للنبي (صلى الله عليه وآله) في وضوء بعينه.
فإن كنت أجبت السائل عن مسألة عامة فاعتمادك - على خاص - الجواب باطل، وإن كنت أجبته عن خاص من سؤاله، فقد عدلت عما اقتضاه السؤال بالاتفاق.
فقال أبو جعفر: ليس لأحد أن يمنع المجيب عن سؤال عام بجواب خاص ودليل مختص، ولا يعنته بذلك، إذا بنى كلامه فيما يسري إلى العموم عليه.
فقال الشيخ رحمه الله: فهذا لو بدأت به أولا كانت لك حجة شبهة وإن سقطت، ولكنك لم تفعل ذلك، بل أجبت بجواب عام، فقلت: فرض الله في الأرجل على العموم الغسل، ثم دللت على ذلك عند نفسك بظاهر لفظ النبي (صلى الله عليه وآله) (فإن) ذلك طعنا في دليلك، فركنت إلى التعويل على وضوء واحد للنبي (صلى الله عليه وآله)، وضممت إلى ذلك الإجماع بحسب ما توهمت من إلزامنا لك، فبينا لك خلافه.
وبعد، فما الفرق بينك وبين من سئل عن مسألة في شئ مخصوص فأجاب عن غيره؟ ثم دل على شئ سوى ما أجاب به، واعتمد في ذلك؟
فإن قال: إنما فعلت ذلك لأبني عليه ما يكون جوابا للسؤال فلم يأت بفصل يذكر.
ثم قال الشيخ رضي الله عنه: وفرغنا من الكلام على خبرك، ونحن نقابلك بالأخبار التي رواها أصحابك في نقيضه، لنستوي في الكلام معك من هذا الوجه