عن الوضوء المطلق، كما عبر بذلك عن غسل الرجلين، لما ذكرناه في الفرض من قبل أن لفظ الوضوء في اللغة إنما هو موضوع على تنظيف الجسد، وتحسينه دون غيره، ولذلك قيل: فلان وضئ الوجه، ولم يقولوا: فلان وضئ الثوب، وإن كان الثوب في نفسه حسنا.
فلا ينكر استعمال العبارة فيما ليس بوضوء شرعي مع الوضوء الشرعي، بما وضعت له عبارة الوضوء في الأصل، من التحسين للجسد، والتنظيف له.
بل لو استعملت هذه العبارة في تنظيف الجسد المفرد من الوضوء الشرعي لكانت جارية على الأصل من اللغة، فكيف إذا وضعت في موضوع الشرع واللغة، وقصد بها ما هي موضوعة له في الشريعة، مع ما تخلله مما يطلق عليه في اللغة، فأما السترة في الصلاة، والتوجه، والقبلة، والنية فليس من هذا في شئ لأمرين:
أحدهما: أن كل واحد من هذه لا يتخلل أجزاء الوضوء.
والثاني: أنه مما لا يطلق عليه هذه العبارة مجاز اللغة.
فاقتضى بعض الحاضرين الموافقة لأبي جعفر على الانتقال.
فقال الشيخ رحمه الله: أما الانتقال من أبي جعفر فكثير في هذا المجلس، وأصل الانتقال منه تركه الخبر جانبا إلى الاستدلال من مقتضى الخبر، فليسأل عن التعلق بالظاهر منه بعد اعتماده، ثم تركه جانبا إلى غيره.
فقال أبو جعفر: ليس هذا نقلة عندي، لأنني إنما صرت إلى ما صرت إليه عند الزيادة على ما لم يرد في السؤال الأول.
فقال الشيخ رضي الله عنه: سواء انتقلت بالزيادة أو بغيرها، فقد خرجت عن حد النظر، وأظهرت الرغبة عما كنت عليه لضعفه عندك، ولجأت إلى غيره.